مدخل الحروب الصليبية
الحروب الصليبية بمعناها الواسع هي الحروب التي شنتها أوربا والمسيحية بعامة ضد مخالفيها من جميع الأديان والمذاهب باسم الصليب وتحت رايته لحماية الديانة الحقيقية من أرباب الديانات الأخرى وخاصة الإسلام ، ومن المخالفين والمنشقين من المسيحيين أنفسهم . ولعل أول من استغل الروح الدينية وأعلنها حرباً صليبية ضد أعداء الدولة وأعداء الكنيسة هو هرقل امبراطور الامبراطورية البيزنطية بين عام 610م و 641م. ذلك أن هذا الامبراطور حارب الفرس وطردهم من البلاد التي احتلوها في آسيا الصغرى وبلاد الشام ومصر وأستعاد الصليب المقدس وبيت المقدس منهم وكانت الكنيسة تساعده وتسانده ، ولذلك لقب هرقل بلقب أول الصليبيين . فالحروب التي دارت رحاها بين المسلمين وأعدائهم في شبه الجزيرة الأيبرية كانت حروباً صليبية حقيقية ، وساهمت بها البابوية أكبر مساهمة . كذلك كانت حروب البيزنطيين المستمرة في بلاد الشام ضد الحمدانيين والسلاجقة من هذا النوع . ولما بدأت الحروب الصليبية المعروفة بالمعنى الاصطلاحي الضيق كانت الكنيسة هي التي دعت لها ، وغذتها وأعدت لها وسارت الجيوش كلها تحت لواء الصليب لنصرة الدين المسيحي واسترجاع قبر السيد المسيح . ولما عجزت البابوية عن تحقيق غايتها . شنت الكنيسة الكاثوليكية حروباً صليبية كثيرة ضد مخالفيها من المسيحيين والمنشقين . ولما أتى الإصلاح الديني في أوربا أوائل القرن السادس عشر ،انشقت الكنيسة على نفسها وحاربت هذه الفرق المتناحرة بعضها بعضاً تحت لواء الصليب . ولما تفاطمت الامبراطوريات الكبرى في الغرب ، وبدأ عهد الاستعمار الأوربي للعالم الجديد وللشرق انضافت إلى فكرة الحروب الصليبية أفكار أخرى منها القومي ، ومنها والاقتصادي والتسلطي والتجاري ، ولكن فكرة الحروب الصليبية لم تختفِ . ولهذا نجد أن أوربا حاربت بعضها بعضاً خلال الحربين العالمتين حروباً صليبية . أن الحروب الصليبية يقصد بها تلك الحروب التي شنتها أوربا ضد الاسلام بخاصة في بلاد الشام والأناضول ومصر وتونس لاستئصال شأفة الإسلام والمسلمين ، والقضاء عليهم ، واسترجاع البيت المقدس وقبر السيد المسيح ، وذلك خلال الفترة بين عامي 1096 و 1291 م . وقد أتت هذه التسمية من صليب صغير أحمر مصنوع من القماش كان يلصق على كتف الفارس المزمع السفر لحرب الاسلام . وكانت بيزنطة في حالة حرب متواصلة ضد المسلمين منذ عهود حروب التحرير الأولى التي حدثت زمن أبي بكر وعمر
( رضي الله عنهما ) .والتي أدت إلى تحرير بلاد الشام ومصر وشمالي افريقيا من الاحتلال البيزنطي . ولقد حدث بعد عهد الامويين وأوائل العباسيين ان ضعفت البلاد الاسلامية . وتقسمت إلى عدد كبير من الدويلات المتفرقة، فاستغلت بيزنطية هذه الفرصة ، وشنت هجوماً عنيفاً على البلاد الاسلامية استمر فترة تزيد على القرنين ، واسترجعت عدداً من مراكز الحدود في شمالي العراق وبلاد الشام. وكذلك لما ضعف المسلمون في الأندلس وانقسمت بلادهم إلى دويلات كثيرة والتي عرفت باسم دول الطوائف ، استغلت الكنيسة هذه الفرصة ، وشنت حرباً مقدسة ضد الإسلام كدين عامة وضد المسلمين في الأندلس خاصة ، واستطاعت أن تحقق الكثير من المكاسب . فقد حدث أن نبعت في شمالي أفريقيا دولة المرابطين القوية تحت زعامة يوسف بن تاشفين، واستنجد مسلمو الأندلس بهذه الدولة وزعيهما ، فأنجدهم وأبحر بقواته إلى الأندلس ، وهناك اصطدم مع الاسبانيين بقيادة ملكهم الفونسو السادس في معركة الزلاقة الشهيرة سنة 1086م ، فكسرهم شر كسرة ، وأوقف زحفهم في الأندلس . وتم بشكل هجرة قبائل بدوية تركية مقاتلة ، هاجرت من موطنها الأصلي في تركستان واتجهت غرباً إلى العالم الاسلامي ، وهناك اعتنقت هذه القبائل الإسلام وأصبحت من أشد المتحمسين لهذا الدين ، ونفذت إلى العالم الإسلامي واستلمت الزعامة في بغداد ، تحت ظل الخلافة العباسية ، في القرن الحادي عشر الميلادي ، وأصبح زعيمها طغرلبك حاكماً وسلطاناً في بغداد ، يدعى له على المنابر إلى جانب الخليفة العباسي ، وكان ذلك سنة 447 ه ، وتبع ذلك تدفق الجيوش السلجوقية على بلاد الشام ومصر ، وبدأت زحفها وهجومها على الأناضول . وهناك اصطدمت مع الجيوش البيزنطية بمعركة منزيكيرت
( ويقال لها ملاذكرد ) شرقي الأناضول سنة 1071 م . وكان ألب أرسلان قائد السلاجقة ، ورومان ديوجين قائد البيزنطيين ، وكانت نتيجة هذه المعركة نصراً مؤزراً للسلاجقة على البيزنطيين . وبهذه المعركة زال الخطر البيزنطي عن بلاد الشام . كما وأن هذه المعركة فتحت أبواب الأناضول أمام هجرة القبائل التركية ، بحيث لم تمض سوى حقبة من الزمن حتى أصبح الأناضول بأغلبه تركيا . ولسوء الحظ نجحت أوربا والكنيسة الكاثوليكية في مخططاتها . بسبب ضعف المسلمين وانقسامهم على أنفسهم ، بعد موت ملكشاه السلجوقي وانقسام امبراطوريته بين أولاده الثلاثة ، والحروب الطاحنة الدامية التي دارت بينهم ، وبسبب ضعف الدولة الفاطمية في مصر وعدائها للسلاجقة ،وبسبب وجود عدد من دويلات المدن في بلاد الشام كدولة البوريين في دمشق ، ودولة آل عمار في طرابلس الشام وغيرها ، كل ذلك ساعد على النصر السريع الذي حققه أوائل الصليبيين . الذين أسسوا أربع إمارات صليبية في بلاد الشام تدين بالولاء للبابوية . وظهر أبطال عظماء حملوا راية الجهاد عالية خفاقة ضد الغزاة والمعتدين من أمثال عز الدين الزنكي ، ونور الدين الشهيد ، وصلاح الدين الأيوبي ، والظاهر بيبرس ، وتمكنوا بعد معارك بطولية ، وملاحم أشبه بالاساطير من تحطيم أٍسطورة التفوق الصليبي ، وردوا الصليبيين إلى بلادهم يجرون أذيال الخيبة والخذلان . ولقد تعلمت أوربا درساً رهيباً من تلك الحروب الصليبية . وعندما ضعف المسلمون أتاح ذلك لأوربا فرصتها الثمينة لتحقيق أحلامها القديمة ، ولم ينقض القرن التاسع عشر حتى كان القسم الأعظم من العالم الاسلامي ، قد سقط بين برائن الاستعمار الأوربي . ولكن فترة ما بين الحربين شاهدت نضالاً بطولياً خاضته الشعوب الإسلامية ضد المستعمرين ، وتمكنت بعد الحرب العالمية الثانية أن تسترد شخصيتها ، وأن تحقق استقلالها وتطرد المستعمرين . استمرت الحروب الصليبية فترة تقارب القرنين من الزمان ، وتعددت ساحاتها . ولذلك تقسم مراحل هذه الحروب إلى ثلاث مراحل . إن معركة ملاذكرد التي وقعت في آسيا الصغرى بين السلاجقة والبيزنطيين كانت من الأسباب المباشرة في توجيه الصليبيين إلى بلاد الشام . والواقع ، لقد هال حكام بيزنطة زحف السلاجقة في قلب آسيا الصغرى واستيطانهم بها ، فأرسلوا يستنجدون بأوربا من أجل دفع هذا الخطر الداهم ، كما تدل على ذلك رسالة الامبراطور البيزنطي الكسيس كومنين الأول إلى روبرت الأول أمير الأراضي المنخفضة ( هولندا ) حوالي عام 1088م. كذلك نجد نفس الصورة في خطاب البابا أوربان الثاني الذي ألقاه في كليرمونت داعياً إلى الحروب الصليبية . فهو يصف السلاجقة : أنهم شعب لعين وأبعد ما يكون عن الله تعالى ، ويخلط الحقائق مع الخيال ، فيذكر احتلالهم بعض أراضي الامبراطورية البيزنطية، وينسب إليهم أعمال السلب والنهب والسرقة والقتل وما ماثل ذلك . ثم يبدأ بإثارة عواطف الفرنسيين ( الفرنجة ) ويذكّرهم بماضيهم المجيد زمن شارلمان وغيره من الملوك . وأنهم أقوى البشر وأجدرهم وأكثرهم أهلية للإنتقام من المسلمون وإنقاذ قبر السيد المسيح ، ويعدهم أن يرثوا خيرات بلاد الشام والأرض التي تفيض لبناً وعسلاً ، ويعدهم بالنصر على الأعداء والدخول في ملكوت السموات.ولقد ساعد التشتت الإسلامي واختلاف الكلمة والحروب الداخلية بين الحكام والأمراء ، ومحاولة كل حاكم وأمير أن يدفع الخطر عن نفسه كما ذكرنا ولو على حساب جاره- الصليبيين أن يحتلوا القسم الأول من الساحل السوري بدءاً من أنطاكية في الشمال حتى حدود مصر ، وأن يؤسسوا أربع إمارات هي مملكة القبر المقدس ، وإمارة طرابلس ، وإمارة أنطاكية ، وإمارة الرها .وكانت هذه الإمارات تابعة ، إقطاعياً ، إلى مملكة القبر المقدس وملكها وهذا ما مكن للصليبيين في بلاد الشام وجود عدد من الخونة كانوا يساعدون الصليبيين الغزاة ضد أبناء البلاد ، كما فعل الزراد لما سلم أحد أبراج أنطاكية لتانكرد لقاء جعل معين كما وأنهم استفادوا من الخلافات بين الحكام المحليين ، فكانوا يتحالفون مع هذا ضد ذاك حتى يربحوا من الطرفين . ولقد وقفت بقية البلاد الإسلامية موقف المتفرج من هذا الهجوم . بل أن طغتكين حاكم دمشق خاف أن يثير ضد الصليبين غضب وعداء الملك الأفضل حاكم مصر الفعلي ووزير الخليفة الفاطمي ، لأن البلد تابعة له ، فأرسل له رسالة يعتذر ويعد بتسليمها لمن يرسلها لأفضل
....................................
........................
الحروب الصليبية بمعناها الواسع هي الحروب التي شنتها أوربا والمسيحية بعامة ضد مخالفيها من جميع الأديان والمذاهب باسم الصليب وتحت رايته لحماية الديانة الحقيقية من أرباب الديانات الأخرى وخاصة الإسلام ، ومن المخالفين والمنشقين من المسيحيين أنفسهم . ولعل أول من استغل الروح الدينية وأعلنها حرباً صليبية ضد أعداء الدولة وأعداء الكنيسة هو هرقل امبراطور الامبراطورية البيزنطية بين عام 610م و 641م. ذلك أن هذا الامبراطور حارب الفرس وطردهم من البلاد التي احتلوها في آسيا الصغرى وبلاد الشام ومصر وأستعاد الصليب المقدس وبيت المقدس منهم وكانت الكنيسة تساعده وتسانده ، ولذلك لقب هرقل بلقب أول الصليبيين . فالحروب التي دارت رحاها بين المسلمين وأعدائهم في شبه الجزيرة الأيبرية كانت حروباً صليبية حقيقية ، وساهمت بها البابوية أكبر مساهمة . كذلك كانت حروب البيزنطيين المستمرة في بلاد الشام ضد الحمدانيين والسلاجقة من هذا النوع . ولما بدأت الحروب الصليبية المعروفة بالمعنى الاصطلاحي الضيق كانت الكنيسة هي التي دعت لها ، وغذتها وأعدت لها وسارت الجيوش كلها تحت لواء الصليب لنصرة الدين المسيحي واسترجاع قبر السيد المسيح . ولما عجزت البابوية عن تحقيق غايتها . شنت الكنيسة الكاثوليكية حروباً صليبية كثيرة ضد مخالفيها من المسيحيين والمنشقين . ولما أتى الإصلاح الديني في أوربا أوائل القرن السادس عشر ،انشقت الكنيسة على نفسها وحاربت هذه الفرق المتناحرة بعضها بعضاً تحت لواء الصليب . ولما تفاطمت الامبراطوريات الكبرى في الغرب ، وبدأ عهد الاستعمار الأوربي للعالم الجديد وللشرق انضافت إلى فكرة الحروب الصليبية أفكار أخرى منها القومي ، ومنها والاقتصادي والتسلطي والتجاري ، ولكن فكرة الحروب الصليبية لم تختفِ . ولهذا نجد أن أوربا حاربت بعضها بعضاً خلال الحربين العالمتين حروباً صليبية . أن الحروب الصليبية يقصد بها تلك الحروب التي شنتها أوربا ضد الاسلام بخاصة في بلاد الشام والأناضول ومصر وتونس لاستئصال شأفة الإسلام والمسلمين ، والقضاء عليهم ، واسترجاع البيت المقدس وقبر السيد المسيح ، وذلك خلال الفترة بين عامي 1096 و 1291 م . وقد أتت هذه التسمية من صليب صغير أحمر مصنوع من القماش كان يلصق على كتف الفارس المزمع السفر لحرب الاسلام . وكانت بيزنطة في حالة حرب متواصلة ضد المسلمين منذ عهود حروب التحرير الأولى التي حدثت زمن أبي بكر وعمر
( رضي الله عنهما ) .والتي أدت إلى تحرير بلاد الشام ومصر وشمالي افريقيا من الاحتلال البيزنطي . ولقد حدث بعد عهد الامويين وأوائل العباسيين ان ضعفت البلاد الاسلامية . وتقسمت إلى عدد كبير من الدويلات المتفرقة، فاستغلت بيزنطية هذه الفرصة ، وشنت هجوماً عنيفاً على البلاد الاسلامية استمر فترة تزيد على القرنين ، واسترجعت عدداً من مراكز الحدود في شمالي العراق وبلاد الشام. وكذلك لما ضعف المسلمون في الأندلس وانقسمت بلادهم إلى دويلات كثيرة والتي عرفت باسم دول الطوائف ، استغلت الكنيسة هذه الفرصة ، وشنت حرباً مقدسة ضد الإسلام كدين عامة وضد المسلمين في الأندلس خاصة ، واستطاعت أن تحقق الكثير من المكاسب . فقد حدث أن نبعت في شمالي أفريقيا دولة المرابطين القوية تحت زعامة يوسف بن تاشفين، واستنجد مسلمو الأندلس بهذه الدولة وزعيهما ، فأنجدهم وأبحر بقواته إلى الأندلس ، وهناك اصطدم مع الاسبانيين بقيادة ملكهم الفونسو السادس في معركة الزلاقة الشهيرة سنة 1086م ، فكسرهم شر كسرة ، وأوقف زحفهم في الأندلس . وتم بشكل هجرة قبائل بدوية تركية مقاتلة ، هاجرت من موطنها الأصلي في تركستان واتجهت غرباً إلى العالم الاسلامي ، وهناك اعتنقت هذه القبائل الإسلام وأصبحت من أشد المتحمسين لهذا الدين ، ونفذت إلى العالم الإسلامي واستلمت الزعامة في بغداد ، تحت ظل الخلافة العباسية ، في القرن الحادي عشر الميلادي ، وأصبح زعيمها طغرلبك حاكماً وسلطاناً في بغداد ، يدعى له على المنابر إلى جانب الخليفة العباسي ، وكان ذلك سنة 447 ه ، وتبع ذلك تدفق الجيوش السلجوقية على بلاد الشام ومصر ، وبدأت زحفها وهجومها على الأناضول . وهناك اصطدمت مع الجيوش البيزنطية بمعركة منزيكيرت
( ويقال لها ملاذكرد ) شرقي الأناضول سنة 1071 م . وكان ألب أرسلان قائد السلاجقة ، ورومان ديوجين قائد البيزنطيين ، وكانت نتيجة هذه المعركة نصراً مؤزراً للسلاجقة على البيزنطيين . وبهذه المعركة زال الخطر البيزنطي عن بلاد الشام . كما وأن هذه المعركة فتحت أبواب الأناضول أمام هجرة القبائل التركية ، بحيث لم تمض سوى حقبة من الزمن حتى أصبح الأناضول بأغلبه تركيا . ولسوء الحظ نجحت أوربا والكنيسة الكاثوليكية في مخططاتها . بسبب ضعف المسلمين وانقسامهم على أنفسهم ، بعد موت ملكشاه السلجوقي وانقسام امبراطوريته بين أولاده الثلاثة ، والحروب الطاحنة الدامية التي دارت بينهم ، وبسبب ضعف الدولة الفاطمية في مصر وعدائها للسلاجقة ،وبسبب وجود عدد من دويلات المدن في بلاد الشام كدولة البوريين في دمشق ، ودولة آل عمار في طرابلس الشام وغيرها ، كل ذلك ساعد على النصر السريع الذي حققه أوائل الصليبيين . الذين أسسوا أربع إمارات صليبية في بلاد الشام تدين بالولاء للبابوية . وظهر أبطال عظماء حملوا راية الجهاد عالية خفاقة ضد الغزاة والمعتدين من أمثال عز الدين الزنكي ، ونور الدين الشهيد ، وصلاح الدين الأيوبي ، والظاهر بيبرس ، وتمكنوا بعد معارك بطولية ، وملاحم أشبه بالاساطير من تحطيم أٍسطورة التفوق الصليبي ، وردوا الصليبيين إلى بلادهم يجرون أذيال الخيبة والخذلان . ولقد تعلمت أوربا درساً رهيباً من تلك الحروب الصليبية . وعندما ضعف المسلمون أتاح ذلك لأوربا فرصتها الثمينة لتحقيق أحلامها القديمة ، ولم ينقض القرن التاسع عشر حتى كان القسم الأعظم من العالم الاسلامي ، قد سقط بين برائن الاستعمار الأوربي . ولكن فترة ما بين الحربين شاهدت نضالاً بطولياً خاضته الشعوب الإسلامية ضد المستعمرين ، وتمكنت بعد الحرب العالمية الثانية أن تسترد شخصيتها ، وأن تحقق استقلالها وتطرد المستعمرين . استمرت الحروب الصليبية فترة تقارب القرنين من الزمان ، وتعددت ساحاتها . ولذلك تقسم مراحل هذه الحروب إلى ثلاث مراحل . إن معركة ملاذكرد التي وقعت في آسيا الصغرى بين السلاجقة والبيزنطيين كانت من الأسباب المباشرة في توجيه الصليبيين إلى بلاد الشام . والواقع ، لقد هال حكام بيزنطة زحف السلاجقة في قلب آسيا الصغرى واستيطانهم بها ، فأرسلوا يستنجدون بأوربا من أجل دفع هذا الخطر الداهم ، كما تدل على ذلك رسالة الامبراطور البيزنطي الكسيس كومنين الأول إلى روبرت الأول أمير الأراضي المنخفضة ( هولندا ) حوالي عام 1088م. كذلك نجد نفس الصورة في خطاب البابا أوربان الثاني الذي ألقاه في كليرمونت داعياً إلى الحروب الصليبية . فهو يصف السلاجقة : أنهم شعب لعين وأبعد ما يكون عن الله تعالى ، ويخلط الحقائق مع الخيال ، فيذكر احتلالهم بعض أراضي الامبراطورية البيزنطية، وينسب إليهم أعمال السلب والنهب والسرقة والقتل وما ماثل ذلك . ثم يبدأ بإثارة عواطف الفرنسيين ( الفرنجة ) ويذكّرهم بماضيهم المجيد زمن شارلمان وغيره من الملوك . وأنهم أقوى البشر وأجدرهم وأكثرهم أهلية للإنتقام من المسلمون وإنقاذ قبر السيد المسيح ، ويعدهم أن يرثوا خيرات بلاد الشام والأرض التي تفيض لبناً وعسلاً ، ويعدهم بالنصر على الأعداء والدخول في ملكوت السموات.ولقد ساعد التشتت الإسلامي واختلاف الكلمة والحروب الداخلية بين الحكام والأمراء ، ومحاولة كل حاكم وأمير أن يدفع الخطر عن نفسه كما ذكرنا ولو على حساب جاره- الصليبيين أن يحتلوا القسم الأول من الساحل السوري بدءاً من أنطاكية في الشمال حتى حدود مصر ، وأن يؤسسوا أربع إمارات هي مملكة القبر المقدس ، وإمارة طرابلس ، وإمارة أنطاكية ، وإمارة الرها .وكانت هذه الإمارات تابعة ، إقطاعياً ، إلى مملكة القبر المقدس وملكها وهذا ما مكن للصليبيين في بلاد الشام وجود عدد من الخونة كانوا يساعدون الصليبيين الغزاة ضد أبناء البلاد ، كما فعل الزراد لما سلم أحد أبراج أنطاكية لتانكرد لقاء جعل معين كما وأنهم استفادوا من الخلافات بين الحكام المحليين ، فكانوا يتحالفون مع هذا ضد ذاك حتى يربحوا من الطرفين . ولقد وقفت بقية البلاد الإسلامية موقف المتفرج من هذا الهجوم . بل أن طغتكين حاكم دمشق خاف أن يثير ضد الصليبين غضب وعداء الملك الأفضل حاكم مصر الفعلي ووزير الخليفة الفاطمي ، لأن البلد تابعة له ، فأرسل له رسالة يعتذر ويعد بتسليمها لمن يرسلها لأفضل
....................................
........................
يتبع لاحقا..........ً الحملات الصليبية من الحملة الشعبية وحتى الحملة (الحرب )التاسعة ..........
يارَبْ سَاعدْني عَلى أن أقول كَلمة الحَقّ في وَجْه الأقويَاءوأن لا أقول البَاطل لأكْسبْ تَصْفيق الضعَفاء وَأن أرَى الناحَية الأخرْى مِنَ الصّوَرة وَلا تتركنْي أتّهِم خصْومي بِأنّهمْ خَونه لأنهّم اخْتلفوا مَعي في الرأي يارَبْ إذا أعطيتني مَالاً فلا تأخذ سَعادتي وإذا أعَطيتني قوّة فلا تأخذ عّقليْ وإذا أعَطيتني نجَاحاً فلا تأخذ تَواضعْي وإذا أعطيتني تواضعاً فلا تأخذ إعْتزازي بِكرامتي ارَبْ عَلمّنْي أنْ أحبّ النَاسْ كَما أحبّ نَفسْي عَلّمني أنْ أحَاسِبْ نَفسْي كَما أحَاسِبْ النَاسْ وَعَلّمنْي أنْ التسَامح هَو أكْبَر مَراتب القوّة وَأنّ حبّ الإنتقام هَو أولْ مَظاهِر الضعْفَ. يارَبْ لاتَدَعني أصَاب بِالغرور إذا نَجَحْت وَلا باليَاسْ إذا فْشلت بَل ذكّرني دائِـماً انّ الفَشَل هَو التجَارب التي تسْـبِق النّجَاح. يارَبْ اذا جَرَّدتني مِن المال فاتركْ لي الأمل وَإذا جَرّدتني مِنَ النجَّاح فاترك لي قوّة العِنَاد حَتّى أتغلب عَلى الفَشل وَإذا جَرّدتني مَن نعْمة الصَّحة فاترك لي نعمة الإيمان. يارَبْ إذا أسَأت إلى الناس فَاعْطِني شجَاعَة الإعتذار وإذا أسَاء لي النَّاس فاعْطِنْي شجَاعَة العَفْوَ وإذا نَسيْتك يَارَبّ َارجْو أن لا تنسَـاني مَنْ عَفوِك وَحْلمك
فَانتَ العَظيْم القَـهّار القَادِرْ عَـلى كُـلّ شيء..
يا رب .......يا رب .........يا رب
أمين
ثائر الخطيب
فَانتَ العَظيْم القَـهّار القَادِرْ عَـلى كُـلّ شيء..
يا رب .......يا رب .........يا رب
أمين
ثائر الخطيب