صدر حديثاً عن المركز العلمي للدراسات السياسية في الأردن كتاب "إسلام بلا خوف: مصر والإسلاميون الجدد" لمؤلفه الدكتور ريموند بيكر، والذي ترجمته الدكتورة منار الشوربجي. ويعتبر هذا الكتاب من المؤلفات المميزة التي تناولت أبرز المدارس الفكرية المعاصرة في مصر، والتي تبنت تيار الوسطية الإسلامي، وامتد تأثيرها إلى خارج الحدود المصرية. تعامل هذا الكتاب مع رموز مدرسة الإسلاميين الجدد من أمثال: محمد الغزالي، ويوسف القرضاوي، وكمال أبو المجد، وفهمي هويدي، وطارق البشري، ومحمد سليم العوا، وغيرهم، على اعتبار أنهم ينتمون لمدرسة فكرية واحدة، ولهم خصائصهم وتوجهاتهم. ولذا فقد اهتم بيكر بإسهامهم الجماعي؛ لأنهم ـ كما يرى ـ يكملون بعضهم البعض؛ كل يقوم بجهده الخاص المتميز، ولكنه يستفيد من أعمال الآخرين، مع محافظة كل منهم على شخصيته الفكرية المستقلة. كشف الكتاب بوضوح عن أن تيار الوسطية الإسلامية قد شهد نقلة نوعية بالغة الأهمية بظهور هذه المدرسة الفكرية؛ فقد صار لتيار الوسطية- بفضل تلك المدرسة- مشروعٌ فكريٌ متماسكٌ لا مجرد أفكار تجديدية في هذا المجال، وكما يتبين من الكتاب ـ أيضا ـ أن رموز هذه المدرسة لعبوا أدوارا بالغة الأهمية في الكثير من الأحداث المحلية والإقليمية والدولية طوال الفترة التي غطاها البحث. وتأتي أهمية هذا الكتاب لكونه قام برصد وتحليل كل ما صدر عن أولئك المفكرين من كتابات وإسهامات في الحياة العامة، إضافة إلى تناولها تجليات أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما تبعها من حملات "للتشهير" بالعرب والمسلمين، وما تم في إطارها من استغلال رؤى أكثر التيارات الإسلامية تطرفا وتخلفا للقفز منها إلى تعميمات تطول العرب والمسلمين. ووسط كل هذا الصخب والعنف المادي واللفظي والمعنوي يبرز في الغرب صوت يقدم رؤية رصينة مبنية على دراسة متعمقة لواحدة من أهم المدارس الفكرية الإسلامية في تاريخنا المعاصر تهدف للكشف والتركيز على إسلام آخر حضاري: إسلام متصالح مع العالم، ومتفاعل معه، إسلام لا يثير التوجس والقلق، فهو "إسلام بلا خوف". وقد اختار بيكر أن يدرس الظاهرة من داخلها لا من خارجها؛ من خلال بذل الجهد في قراءة الغالبية الساحقة من الأدبيات التي صدرت عن المفكرين الذين تناولهم الكتاب. يتضمن الكتاب ثلاثة أجزاء، كل جزء يتناول رؤية الإسلاميين الجدد للثقافة والمجتمع والسياسة. يقدم الجزء الخاص بالمجال الثقافي ـ بفصليه الأول و الثاني عن التعليم والفنون ـ بناء الصلة بين تجاوزات الثقافة الشعبية وضعف كفاءة المؤسسة الحاكمة التي تتخذ عادة مواقف دفاعية. أما الفصلان التاليان اللذان يتناولان المجتمع والاقتصاد، فيقدم لهما بمقال يهجو بسخرية بالغة الرؤى المشوهة للمتشددين الإسلاميين حين يصرفون الأنظار عن الأجندة الوطنية ويركزون على قضايا ثانوية. وفي الفصلين الخامس و السادس يتناولان السياسة والديمقراطية والعمل السياسي وأخيراً التفاعل مع العالم والمجتمع الدولي. إن قصة الإسلاميين الجدد في مصر تنتهي كما بدأت عبر ملامح لمثل تلك الكفاحات التي خاضوها من أجل خلق أسس فكرية وأخلاقية لبناء مجتمع إسلامي أكثر تميزاً. وكل الصور التي قدمها الكتاب إنما هي صور يرسمها الإسلاميون الجدد لأنفسهم، وهي صور تم صنعها من كلمات وأفعال الإسلاميين الجدد أنفسهم، ووفقاً لفهمهم الخاص. وقد حرص المؤلف على أن يستمع لأصوات الإسلاميين الجدد، وأن يسجل بأمانة ما يقولون؛ بهدف رسم تلك الصورة من الخارج بزاوية واسعة، وعمل تقويم نهائي لوزن سجلهم ومغزاه، والذي يشير إلى أن المشروع الاجتماعي للإسلاميين الجدد يستجيب بأشكال متعددة للآمال والاحتياجات الأساسية للمصريين في مواجهة أحداث تتطلب تفسيراً، ومعضلات تفتقر إلى حلول. |
إسلام بلا خوف: مصر والإسلاميون الجدد
حسن العرسان- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 77
تاريخ التسجيل : 07/11/2009
العمر : 32
الموقع : سوريا-دير الزور-موحسن
- مساهمة رقم 1