********
العثمانيون هم تلك القبائل التي اعتنقت الإسلام منذ أوائل القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي، والتي هاجرت من موطنها الأصلي وهو أواسط آسيا هربًا من هجمات المغول، واستقرت في بادئ الأمر في أراضي الدولة العباسية حتى مجيء السلاجقة الذين حكموا بغداد منذ عام 447 حتى سقوط بغداد في يد المغول عام 656 هـ. وقد استطاع العثمانيون القضاء على سلاجقة الروم في آسيا الصغرى وإسقاط عاصمتهم بيزنطة عام 1308م، وبذلك بدأ استقلالهم وتكوين دولتهم بعد أن فتحوا مدينة "بروسة"، ثم القسطنطينية التي جعلوها عاصمة لدولتهم.
وقد بدأت الدولة العثمانية مرحلة البناء في القرن الرابع عشر الميلادي والتوسع في أوروبا من عهد السلطان عثمان إلى عهد السلطان سليم الأول في أوائل القرن السادس عشر، ثم تلا ذلك مرحلة التوسع في الشرق العربي، كما امتد نفوذها في الدول العربية وشمال أفريقيا.
طراز العمارة
وكان للدين الإسلامي والحضارة الإسلامية بالإضافة إلى البيئة الجغرافية أثرها الواضح على العمائر العثمانية وطرزها المختلفة خاصة الدينية منها، فكانت العمائر الدينية الأولى استمرار للعمارة السلجوقية في بغداد وسوريا، والتي تميزت بأسلوبها المعماري المعروف بطراز المدارس نسبة إلى الوظيفة الأساسية التي كان يقوم بها المسجد إلى جانب وظيفة الصلاة؛ حيث أخذ نظام الأروقة التي تحيط بالصحن يختفي ويحل محله نظام الإيوانات التي تحيط بالصحن سواء من جهاته الأربع أو جهتين أو جهة واحدة، وذلك تباعًا لعدد المذاهب السنية التي كانت تدرس بمدرسة الجامع.
ويتكون الإيوان في العمارة الإسلامية من مستطيل كثير العمق، يحتوي على ثلاثة جدران، أما الضلع الرابع فمفتوح على صحن المسجد ويغطى الإيوان بقبو عادة.
وانتشر نظام المدارس السلجوقية عند سلاجقة الروم في آسيا الصغرى، إلا أن البيئة الجغرافية ذات الأقطار الغزيرة والبرودة القارسة حتمت عليهم وعلى العثمانيين من بعدهم إحداث بعض التغيرات التي تتناسب والبيئة الجغرافية؛ فحولوا الصحن المكشوف إلى صحن مغطى، وجعلوا الإيوانات مساحات مرعبة مغطاة بقباب، وأصبحت المساجد عبارة عن مساحة مربعة مغطاة بقبة كبيرة، وفي أركان المربع قطاعات من قباب صغيرة. وقد عرف هذا الطراز باسم طراز "بروسة"، وهو أول طراز معماري قديم للمساجد العثمانية، وأشهر مثل له جامع "علاء الدين بك" بمدينة بروسة.
ومن الأساليب المعمارية القديمة أيضًا أسلوب المدرسة السلجوقية المكون من صحن به ثلاثة إيوانات، أما الضلع الرابع فتشغله سقيفة، ويغطي الصحن والإيوانات قباب مرتفعة، أما السقيفة فتغطيها قباب ضحلة، ومثل هذا الطراز "جامع أورهابك" في بروسة.
تطور العمارة العثمانية
بعد طراز بروسة وطراز المدارس السلجوقية اللذين يعدان من أقدم الطرز الدينية المعمارية في الدولة العثمانية ظهر طراز جديد، استخدم في بناء الجوامع والمساجد الإسلامية في مدينة إسطنبول والأناضول، وهذا الطراز متأثر إلى حد كبير بالعادات والتقاليد الدينية التي انتهجها سلاطين الدولة العثمانية الذين طالما أرادوا الظهور بتمسكهم الشديد للدين الإسلامي.
فنجد السلطان أورهان يتقلد تاج السلطة في ضريح الصحابي الجليل "أبي أيوب الأنصاري" الذي استشهد في عصر الخليفة أبي بكر الصديق عندما جاء لفتح القسطنطينية، ومن عهده أصبح السلطان لا يتولى سلطته على الدولة العثمانية إلا في المسجد الملحق بضريح أبي أيوب الأنصاري، تيمنًا بهذا الصحابي الجليل.
وعلى ذلك أعاد العثمانيون تخطيط وعمارة المسجد إلى سنته القديمة، وهي الصحن المكشوف الذي تحيط به الأروقة مع الاحتفاظ بمكان الصلاة مغطى بقبة كبيرة، وباقي الأروقة مغطاة بقباب صغيرة، أما الصحن فهو مكشوف عادة تتوسطه نافورة معدة للوضوء، ولقد أطلق الأتراك على الصحن والأروقة التي تحيط به اسم حرم الجامع، وهم بذلك يطلقون اسم الحرم تشبها بالحرم المكي الشريف، والذي أعيد بناؤه في عهد السلطان "مراد الرابع" على هذا النحو.
المميزات
أهم ما يميز العمارة العثمانية هو أسلوب التغطيات، فاستخدمت القباب المركزية وحولها أنصاف قباب أو قباب صغيرة، كما تميزت بتقسيم المسجد إلى قسمين: قسم مغطى جميعه بالقباب، والآخر حرم المسجد والمكون من صحن به نافورة رخامية تحيط به أروقة، بالإضافة إلى المآذن العثمانية الشهيرة، وتنتهي بشكل مخروطي وهو طراز عثماني لم يوجد في أي عصر قبل العصر العثماني.
الطرز العثمانية في البلاد العربية
الحقيقة أن الدول العربية قد احتفظت بطراز عمارتها المحلية خلال العصر العثماني، وهذا يرجع إلى عدة عوامل، وهي: أن فلسفة الحكم العثماني كانت ترمي بقاء الأوضاع على ما هي عليه في الولايات الخاضعة لها، أي أنهم لم يفرضوا ذوقًا أو طرازًا معماريًّا خاصًّا بهم.
كما أن طبيعة طرز العمارة العربية في كل من مصر والشام وبلاد المغرب، ارتبطت في نشأتها بعوامل البيئة المحلية، فضلا عن تطورها خلال العصرين الفاطمي والمملوكي في مصر والشام وخلال العصر الأندلسي في تونس والجزائر والمغرب؛ مما أكسبها شخصيتها وطابعها المميز؛ ولذلك كان من الصعب على الطراز العثماني الوافد أن يتغلب ويتفوق على هذه الطرز المحلية، لا سيما وأن طبيعة الطراز العثماني لا تتناسب مع البيئات العربية.
ومع هذا فقد ظهرت بعض هذه الطرز في الولايات الخاضعة للحكم العثماني، وكأنها نسخة مطابقة تمامًا لمساجد السلاطين العثمانية في القسطنطينية؛ فهذا جامع "السلطان أحمد" في إسطنبول وشبيهه جامع "محمد علي" بالقاهرة، واللذان قد بناهما المهندس العثماني الشهير "سنان" الذي يعد من أعظم مهندسي الدولة العثمانية.
وعلى ذلك نستطيع القول: إن طرز العمارة في الولايات العثمانية مصر والشام وبلاد المغرب تميزت بطرازين معماريين أولهما الطراز المحلي الموروث وكان أوسع انتشارا، والطراز الثاني وهو الطراز العثماني الذي اقتصر انتشاره على العواصم العربية مثل القاهرة ودمشق ومكة وتونس وبرقة. ففي القاهرة يطالعنا جليًّا جامع "محمد علي" بالقلعة بمآذنه الرشيقة وقبابه الذي شُيِّد عام 1265هـ، وهناك جامع "الملكة صفية" 1019هـ، وجامع "محمد أبو الذهب" الذي بُني عام 1188هـ.
وفي تونس نجد جامع "سيدي محرز" الذي شيده "الباي محمد المرادي" بين عامي 1692م-1699م، وهو المثال الوحيد الذي يتبع طراز الجوامع العثمانية ذات القبة المركزية، كما يوجد بليبيا وبالتحديد في منطقة المرج "برقة" ثلاثة مساجد هي "الشيخ حمد الشيتوى" و"جامع المدينة" و"جامع الزاوية".
ولقد طور العثمانيون ما يسمي بالعمارة الخيرية وهي الأسبلة والختقاوات التي سُمِّيت في العصر العثماني التكايا. أما الأسبلة التي أنشئت لسقي المارة فعمارتها العثمانية اتخذت أشكالاً متعددة، فمنها ما هو قائم بذاته أو ألحق بمنشأة. وكانت تغطى الأسبلة العثمانية بقبة أو كتاب، وتميزت بزخارفها من مقرنصات وتضليعات، وهي مبان رشيقة أخذت الشكل الدائري أو المحدب. أو السبيل ذو الواجهات المقعرة ونماذجها في القاهرة "سبيل محمد علي" بالنحاسين، و"عبد الرحمن كتخذا" بالجمالية، و"سبيل الوالدة باشا" بشارع الجمهورية.
والنموذج الثاني للعمارة الخيرية والذي اشتهر في العصر العثماني هو التكايا، وهي تلك المنشأة التي حلت محل الخنقاوات والتي أنشئت لتكون مكانًا لسكنى الصوفية المنقطعين للعبادة، كما أعدت أيضا لسكنى تنابلة السلطان أي الكسالى من العثمانيين الذين يفيدون على الولايات العثمانية مصر وغيرها، ويقوم ملتزم الولايات بإيوائهم في تلك التكايا، وهي عبارة عن فناء متسع مكشوف تحيط به عدد من الخلاوي (الحجرات) في طابقين. ومن أشهر هذه التكايا في القاهرة التكية "السليمانية"، وتكية "السلطان محمود" بشارع بورسعيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــ
يارَبْ سَاعدْني عَلى أن أقول كَلمة الحَقّ في وَجْه الأقويَاءوأن لا أقول البَاطل لأكْسبْ تَصْفيق الضعَفاء وَأن أرَى الناحَية الأخرْى مِنَ الصّوَرة وَلا تتركنْي أتّهِم خصْومي بِأنّهمْ خَونه لأنهّم اخْتلفوا مَعي في الرأي يارَبْ إذا أعطيتني مَالاً فلا تأخذ سَعادتي وإذا أعَطيتني قوّة فلا تأخذ عّقليْ وإذا أعَطيتني نجَاحاً فلا تأخذ تَواضعْي وإذا أعطيتني تواضعاً فلا تأخذ إعْتزازي بِكرامتي ارَبْ عَلمّنْي أنْ أحبّ النَاسْ كَما أحبّ نَفسْي عَلّمني أنْ أحَاسِبْ نَفسْي كَما أحَاسِبْ النَاسْ وَعَلّمنْي أنْ التسَامح هَو أكْبَر مَراتب القوّة وَأنّ حبّ الإنتقام هَو أولْ مَظاهِر الضعْفَ. يارَبْ لاتَدَعني أصَاب بِالغرور إذا نَجَحْت وَلا باليَاسْ إذا فْشلت بَل ذكّرني دائِـماً انّ الفَشَل هَو التجَارب التي تسْـبِق النّجَاح. يارَبْ اذا جَرَّدتني مِن المال فاتركْ لي الأمل وَإذا جَرّدتني مِنَ النجَّاح فاترك لي قوّة العِنَاد حَتّى أتغلب عَلى الفَشل وَإذا جَرّدتني مَن نعْمة الصَّحة فاترك لي نعمة الإيمان. يارَبْ إذا أسَأت إلى الناس فَاعْطِني شجَاعَة الإعتذار وإذا أسَاء لي النَّاس فاعْطِنْي شجَاعَة العَفْوَ وإذا نَسيْتك يَارَبّ َارجْو أن لا تنسَـاني مَنْ عَفوِك وَحْلمك
فَانتَ العَظيْم القَـهّار القَادِرْ عَـلى كُـلّ شيء..
يا رب .......يا رب .........يا رب
أمين
ثائر الخطيب