القدس .. عروس المدائن ودرة العروبة والإسلام ، ثالث الحرمين ، وأولى القبلتين ، الرمز الكبير المقدس لقضية شعب وأمة ... وتجسيد لهما .
كانت منذ فجر التاريخ على امتداد عصوره ، ولا تزال إلى هذا الزمان تحتل المكانة المقدسة والروحية لأهم المعتقدات والأديان السماوية ، تجلت بها حكمة الأنبياء ، إذ شهدت الإسراء والمعراج معجزة الإسلام الكبرى ، وشهدت جبالها و وادهها دعوة السيد المسيح .
مدينة تحدت التاريخ ، فقد التقت داخلها الحضارات الإنسانية ومرت بها جحافل الغزاة ، والأباطرة ، وكانت دوماً مقبرة للغزاة ، ولا تزال القدس رافضة حكم الغرباء وتلفظهم من أرضها ، وبقيت على الدوام تاريخياً وعمرانياً عربية الهوية والجذور ... إذ وجد على أرضها الكنعانيون واليبوسيون منذ الألف الثالث قبل الميلاد ، بقيت كنبض حي لتاريخ الحضارة العربية الإسلامية التي عاشت عطاء للعالم طوال تاريخها .
واحتلت القدس منزلة عربية وإسلامية لا تدانيها منزلة ، فقد كان لرسالتي السماء المسيحية والإسلامية اللتين انطلقت إشعاعاتهما الأولى من المشرق العربي تأثير كبير على الحياة السياسية والاجتماعية والدينية في مدينة القدس ، إذ ساهمت في بعث الحياة الثقافية والفكرية . كما كان لها الفضل الأول في حماية التراث العربي في المدينة من الاندثار والذوبان والانصهار خلال عهود الاحتلال التي مرت على المدينة ، إذ تعرضت المدينة خلال حياتها الطويلة للتخريب نحو ست عشرة مرة وفي كل مرة كانت تنهض من جديد قوية لتصرخ بعروبتها منذ أن وضع الحجر الأول فيها وطوال /14/ قرناً منذ الفتح العربي الإسلامي للمدينة لا تزال القدس اليوم تحتفط بصروح دينية وعمائر تقف شامخة تنطق بقدسيتها وعروبتها ، ففيها مايزيد على /170/ أثراً دينياً تم إنشاؤها في ظل حركة البناء والتعمير التي شهدتها هذه المدينة الخالدة على مدى العصور الإسلامية المتعاقبة بدءاً بالفتح الإسلامي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ومروراً بالعصر الأموي والعباسي والفاطمي والأيوبي والمملوكي وانتهاء بالعصر العثماني .
وظلت القس لفلسطين قلباً ... وللعرب تاريخاً محفوظاً ، حتى بدأت المؤامرة الصهيونية ووقعت تحت نير الاحتلال وبراثنه . ومن ثم أصبحت قضية القدس أخطر تحد يواجه العرب في تاريخهم الحديث .
فمنذ ظهور الحركة الصهيونية إلى الوجود وهي تحاول أن تزور تاريخ القدس ضمن خطة مبينة لاستلاب عروبتها وتهويدها والقضاء التام على هويتها العربية والإسلامية وطابعها الحضاري المميز ، وهي خطة تبلورت مع انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897 وتزايد الاستيطان الصهيوني في فلسطين ، إذ باتت الحاجة ماسة لربط اليهود من جميع أنحاء العالم بأي أثر مقدس لهم في فلسطين يثير مكامن الشعور فيهم بغية تجميعهم لإعادة بناء هيكل سليمان المزعوم مكان المسجد الأقصى وذلك بمباركة الاستعمار الغربي لتحقيق السيطرة على البلدان العربية وزرع الكيان الصهيوني في فلسطين ، وكان الهدف دائماً في مختلف المراجل تغييب العرب كأمة وحضارة وعمق تاريخي .. وكان العمران والعمارة أحد أهم المجالات التي طبقت عليها أكبر عملية تزوير تاريخية في محاولة لتفريغ منجزات العرب العمرانية المقدسة من مضمونها ومحو الذاكرة العربية الإسلامية ، والقضاء على ما تمثله هذه الأماكن من ارتباطات دينية وعقائدية إسلامية ومسيحية بالمدينة المقدسة ، إذ أدت مساجد وكنائس القدس دوراً تنويرياً تثقيفياً ، إضافة إلى دورها الديني والروحي لنشر الدعوة فقد كانت أماكن علم وعبادة في آن معاً ، إذاً فالقدس ليست مجرد مدينة كسائر المدن بل إنها رمز للصراع الحضاري ، صراع الوجود الذي بدأ منذ أكثر من قرن ببداية الدعوة الصهيونية ، إنها كينونة الأمة العربية والإسلامية وذاكرتها ونواتها المركزية .. فالذاكرة والعمارة مرتبطتان في تاريخ التجربة الإنسانية ترابطاً تبادلي التأثير ، فالعمارة تؤطر الذاكرة وتجذرها ، وتعكس ما ختزنته وأسقطته عليها الذاكرة الجمعية من مشاعر ومعتقدات ... فالمكان يستمد شخصيته من الإنسان الذي عمره وتفاعل معه في مراحله وأطواره كلها . ومن هنا كان الخطر الذي واجهته مدينة القدس لا يتمثل بالمزاعم فقط بل في المخطط الرامي لتهويدها وإفراغها من كل ما هو عربي وإسلامي تنفيذاً لمضامين وضعت لتزوير التاريخ وصياغته وفق مفاهيم مغلوطة تتضمن أساطير وخرافات وأقوالاً محرفة ... ومن خلال إجراءات ترمي إلى تغيير ملامح القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية .
واتخذت المؤامرة الصهيونية مظاهر وأساليب متعددة ولاسيما بعد الاحتلال الصهيوني لمدينة القدس عام 1967 منها الحفريات حول المسجد الأقصى بهدف تخريب هذا الأثر الإسلامي المقدس وإزالته من الوجود تمهيداً لإقامة " الهيكل " المزعوم على أنقاضه ومحاولة إحراقه التي خططت لها السلطات الصهيونية وأحاطت إسرائيل القدس بمستعمراتها وهدمت الكثير من معالمها العربية . وصادرت الأراضي ومنعت الفلسطينيين من البناء وشردتهم . وفرضت الضرائب الباهظة لدفعهم إلى الرحيل وتوازياً مع كل أشكال التهويد ، فقد استهدفت إسرائيل التراثين الإسلامي والمسيحي كوثيقة تاريخية هامة تؤكد عروبة القدس وفلسطين وتفند دعاوى الصهاينة ووجودهم على الأرض العربية . إذ نهبت خزائن ومحتويات مكتبات القدس . وتم الاستيلاء على متحف الآثار الفلسطيني وحظرت تداول الكتب الثقافية العربية الإسلامية . وأطلقت الأسماء اليهودية على الشوارع والساحات في القدس العربية ...وتعرضت السجلات التاريخية للمحكمة الشرعية التي تثبت ملكية العرب للقدس ومكتبتها التي تحوي ذخائر العلوم الإسلامية ومجموعات نادرة من المخطوطات إلى العدوان المخطط والعشوائي عن طريق الإحراق تارة والسرقة تارة أخرى .... في محاولة لطمس الهوية التراثية العربية تحقيقاً لحلم صهيوني بدأ منذ أكثر من مئة عام . فتراث القدس جزء من قضيتها وهذا التراث كان وسيبقى مستهدفاً ، وإذا كان هناك جندي صهيوني يحمل السلاح ، فإن جندياً آخر يقوم بالتحريف باليد الأخرى . وهذا هو الخطر الأكبر ، وهذا ما يحدث من اليهود عبر التاريخ .. يقتلون بيد ويحرفون التاريخ باليد الأخرى .
ولا تزال إسرائيل تقوم ـ بحكوماتها المتعاقبة ـ بالاعتداء بين الفنية والأخرى على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس من خلال الحفر والتنقيب والهدم استكمالاً لخطتها بخلق غطاء ديني مزيف يقوم على الأباطيل لتبرير وجود إسرائيل ، وذلك رغم القرارات الدولية وتوصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة المطالبة إسرائيل بوقف إجراءاتها غير القانونية التي تمارسها في القدس والأراضي المحتلة .
وعلى مر السنين أكدت هذه الحفريات و التنقيبات أن لا وجود لآثار الهيكل المزعوم في مدينة القدس العربية . إذ قام التاريخ والعلم كلمتهما ، ولم يتم الكشف عن أي أثر يهودي يثبت هذه الإدعاءات ، وبالرغم من ذلك استمرت السلطات الصهيونية في عمليات التنقيب ، وصدقت الكذبة التي أطلقتها وأصبحت تفاخر بها وتقيم الاحتفالات والمهرجانات لتكريس هذه الكذبة ، والتي امتدت جذورها منذ عشرات السنين وتوجت بفتح نفق يمتد من حارة المغاربة ـ حائط البراق ـ إلى باب الغوانمة وطريق الآلام . لتؤكد إصرار الصهاينة على هيكلهم المزعوم. رغم أن الموسوعة اليهودية نفسها التي نشرت عام 1901 لم تشر إلى أية مادة تتعلق بالحائط المذكور . وكذلك نفت مصادر عدة صهيونية هذا الأمر منها ما جاء في التقرير الذي أصدرته الجمعية الأثرية الإسرائيلية عام 1971 أن جدار الأقصى هو بناء إسلامي ، كما أكدت اللجنة الدولية التي شكلت عام 1930 أن للمسلمين وحدهم تعود ملكية ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لايتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هو من أملاك الوقف الإسلامي واليوم يؤكد المؤرخون الجدد في إسرائيل أنه بعد 70 عاماً من الحفريات المكثفة في فلسطين لم يتم العثور على أية أدلة تؤكد روايات العهد القديم ، وعدم وجود مصداقية لها على المستوى التاريخي والأثري يثبت صحتها أو وقوعها . ويدحضون في مؤلفاتهم المقولة " الكذبة الكبرى " التي قامت عليها إسرائيل " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض " مما يثبت زيف الادعاءات الصهيوينة حول الحق الديني والتاريخ في القدس وفلسطين "ومملكة داود وغيرها" .
وإلى ما سبق لم تكن القدس إلا عربية منذ فجر تاريخها ، أما كل ما أصابها من عدوان وغزوات فلم يكن إلا طارئاً وزائفاً ... ومع كل ذلك يحفرون وينقبون ويبحثون ... أعلنوا القدس عاصمة أبدية لكيانهم ومنحوها زوراً وبهتاناً جنسيتهم العنصرية . لقد سرقوا وزوّروا كل شيء ... ومازالوا يحفرون وينقبون ولم يجدوا شيئاً ... ولكن وصية الصهيونية بتدمير تراث الشعوب وأوابدها الحضارية .
ألم يقل تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية في مؤتمر بال بسويسرا 1897 :
" إذ حصلنا يوماً على القدس وكنت ما أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها ، وسوف أدمر الآثار التي مرت عليها قرون ".
وهاهو كبير أحبارهم أيضاً ويدعى " شلومو جورين " يقول : " إن الصهيونية وأهدافها ستبقى معرضة للخطر مادام المسجد الأقصى وقبة الصخرة قائمين أمام أعين المسلمين وأفئدتهم لذلك يجب إزالتهما عن سطح الأرض .
ورغم كل ذلك فالمدينة المقدسة صامدة وأبناؤها صامدون يدافعون عن المسجد الأقصى ويستصرخون أبناء الوطن العربي من محيطه إلى خليجه لتحريره وتحرير القدس وهويتها العربية الإسلامية التي لم تعرف غيرها أبداً .
كانت منذ فجر التاريخ على امتداد عصوره ، ولا تزال إلى هذا الزمان تحتل المكانة المقدسة والروحية لأهم المعتقدات والأديان السماوية ، تجلت بها حكمة الأنبياء ، إذ شهدت الإسراء والمعراج معجزة الإسلام الكبرى ، وشهدت جبالها و وادهها دعوة السيد المسيح .
مدينة تحدت التاريخ ، فقد التقت داخلها الحضارات الإنسانية ومرت بها جحافل الغزاة ، والأباطرة ، وكانت دوماً مقبرة للغزاة ، ولا تزال القدس رافضة حكم الغرباء وتلفظهم من أرضها ، وبقيت على الدوام تاريخياً وعمرانياً عربية الهوية والجذور ... إذ وجد على أرضها الكنعانيون واليبوسيون منذ الألف الثالث قبل الميلاد ، بقيت كنبض حي لتاريخ الحضارة العربية الإسلامية التي عاشت عطاء للعالم طوال تاريخها .
واحتلت القدس منزلة عربية وإسلامية لا تدانيها منزلة ، فقد كان لرسالتي السماء المسيحية والإسلامية اللتين انطلقت إشعاعاتهما الأولى من المشرق العربي تأثير كبير على الحياة السياسية والاجتماعية والدينية في مدينة القدس ، إذ ساهمت في بعث الحياة الثقافية والفكرية . كما كان لها الفضل الأول في حماية التراث العربي في المدينة من الاندثار والذوبان والانصهار خلال عهود الاحتلال التي مرت على المدينة ، إذ تعرضت المدينة خلال حياتها الطويلة للتخريب نحو ست عشرة مرة وفي كل مرة كانت تنهض من جديد قوية لتصرخ بعروبتها منذ أن وضع الحجر الأول فيها وطوال /14/ قرناً منذ الفتح العربي الإسلامي للمدينة لا تزال القدس اليوم تحتفط بصروح دينية وعمائر تقف شامخة تنطق بقدسيتها وعروبتها ، ففيها مايزيد على /170/ أثراً دينياً تم إنشاؤها في ظل حركة البناء والتعمير التي شهدتها هذه المدينة الخالدة على مدى العصور الإسلامية المتعاقبة بدءاً بالفتح الإسلامي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ومروراً بالعصر الأموي والعباسي والفاطمي والأيوبي والمملوكي وانتهاء بالعصر العثماني .
وظلت القس لفلسطين قلباً ... وللعرب تاريخاً محفوظاً ، حتى بدأت المؤامرة الصهيونية ووقعت تحت نير الاحتلال وبراثنه . ومن ثم أصبحت قضية القدس أخطر تحد يواجه العرب في تاريخهم الحديث .
فمنذ ظهور الحركة الصهيونية إلى الوجود وهي تحاول أن تزور تاريخ القدس ضمن خطة مبينة لاستلاب عروبتها وتهويدها والقضاء التام على هويتها العربية والإسلامية وطابعها الحضاري المميز ، وهي خطة تبلورت مع انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897 وتزايد الاستيطان الصهيوني في فلسطين ، إذ باتت الحاجة ماسة لربط اليهود من جميع أنحاء العالم بأي أثر مقدس لهم في فلسطين يثير مكامن الشعور فيهم بغية تجميعهم لإعادة بناء هيكل سليمان المزعوم مكان المسجد الأقصى وذلك بمباركة الاستعمار الغربي لتحقيق السيطرة على البلدان العربية وزرع الكيان الصهيوني في فلسطين ، وكان الهدف دائماً في مختلف المراجل تغييب العرب كأمة وحضارة وعمق تاريخي .. وكان العمران والعمارة أحد أهم المجالات التي طبقت عليها أكبر عملية تزوير تاريخية في محاولة لتفريغ منجزات العرب العمرانية المقدسة من مضمونها ومحو الذاكرة العربية الإسلامية ، والقضاء على ما تمثله هذه الأماكن من ارتباطات دينية وعقائدية إسلامية ومسيحية بالمدينة المقدسة ، إذ أدت مساجد وكنائس القدس دوراً تنويرياً تثقيفياً ، إضافة إلى دورها الديني والروحي لنشر الدعوة فقد كانت أماكن علم وعبادة في آن معاً ، إذاً فالقدس ليست مجرد مدينة كسائر المدن بل إنها رمز للصراع الحضاري ، صراع الوجود الذي بدأ منذ أكثر من قرن ببداية الدعوة الصهيونية ، إنها كينونة الأمة العربية والإسلامية وذاكرتها ونواتها المركزية .. فالذاكرة والعمارة مرتبطتان في تاريخ التجربة الإنسانية ترابطاً تبادلي التأثير ، فالعمارة تؤطر الذاكرة وتجذرها ، وتعكس ما ختزنته وأسقطته عليها الذاكرة الجمعية من مشاعر ومعتقدات ... فالمكان يستمد شخصيته من الإنسان الذي عمره وتفاعل معه في مراحله وأطواره كلها . ومن هنا كان الخطر الذي واجهته مدينة القدس لا يتمثل بالمزاعم فقط بل في المخطط الرامي لتهويدها وإفراغها من كل ما هو عربي وإسلامي تنفيذاً لمضامين وضعت لتزوير التاريخ وصياغته وفق مفاهيم مغلوطة تتضمن أساطير وخرافات وأقوالاً محرفة ... ومن خلال إجراءات ترمي إلى تغيير ملامح القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية .
واتخذت المؤامرة الصهيونية مظاهر وأساليب متعددة ولاسيما بعد الاحتلال الصهيوني لمدينة القدس عام 1967 منها الحفريات حول المسجد الأقصى بهدف تخريب هذا الأثر الإسلامي المقدس وإزالته من الوجود تمهيداً لإقامة " الهيكل " المزعوم على أنقاضه ومحاولة إحراقه التي خططت لها السلطات الصهيونية وأحاطت إسرائيل القدس بمستعمراتها وهدمت الكثير من معالمها العربية . وصادرت الأراضي ومنعت الفلسطينيين من البناء وشردتهم . وفرضت الضرائب الباهظة لدفعهم إلى الرحيل وتوازياً مع كل أشكال التهويد ، فقد استهدفت إسرائيل التراثين الإسلامي والمسيحي كوثيقة تاريخية هامة تؤكد عروبة القدس وفلسطين وتفند دعاوى الصهاينة ووجودهم على الأرض العربية . إذ نهبت خزائن ومحتويات مكتبات القدس . وتم الاستيلاء على متحف الآثار الفلسطيني وحظرت تداول الكتب الثقافية العربية الإسلامية . وأطلقت الأسماء اليهودية على الشوارع والساحات في القدس العربية ...وتعرضت السجلات التاريخية للمحكمة الشرعية التي تثبت ملكية العرب للقدس ومكتبتها التي تحوي ذخائر العلوم الإسلامية ومجموعات نادرة من المخطوطات إلى العدوان المخطط والعشوائي عن طريق الإحراق تارة والسرقة تارة أخرى .... في محاولة لطمس الهوية التراثية العربية تحقيقاً لحلم صهيوني بدأ منذ أكثر من مئة عام . فتراث القدس جزء من قضيتها وهذا التراث كان وسيبقى مستهدفاً ، وإذا كان هناك جندي صهيوني يحمل السلاح ، فإن جندياً آخر يقوم بالتحريف باليد الأخرى . وهذا هو الخطر الأكبر ، وهذا ما يحدث من اليهود عبر التاريخ .. يقتلون بيد ويحرفون التاريخ باليد الأخرى .
ولا تزال إسرائيل تقوم ـ بحكوماتها المتعاقبة ـ بالاعتداء بين الفنية والأخرى على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس من خلال الحفر والتنقيب والهدم استكمالاً لخطتها بخلق غطاء ديني مزيف يقوم على الأباطيل لتبرير وجود إسرائيل ، وذلك رغم القرارات الدولية وتوصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة المطالبة إسرائيل بوقف إجراءاتها غير القانونية التي تمارسها في القدس والأراضي المحتلة .
وعلى مر السنين أكدت هذه الحفريات و التنقيبات أن لا وجود لآثار الهيكل المزعوم في مدينة القدس العربية . إذ قام التاريخ والعلم كلمتهما ، ولم يتم الكشف عن أي أثر يهودي يثبت هذه الإدعاءات ، وبالرغم من ذلك استمرت السلطات الصهيونية في عمليات التنقيب ، وصدقت الكذبة التي أطلقتها وأصبحت تفاخر بها وتقيم الاحتفالات والمهرجانات لتكريس هذه الكذبة ، والتي امتدت جذورها منذ عشرات السنين وتوجت بفتح نفق يمتد من حارة المغاربة ـ حائط البراق ـ إلى باب الغوانمة وطريق الآلام . لتؤكد إصرار الصهاينة على هيكلهم المزعوم. رغم أن الموسوعة اليهودية نفسها التي نشرت عام 1901 لم تشر إلى أية مادة تتعلق بالحائط المذكور . وكذلك نفت مصادر عدة صهيونية هذا الأمر منها ما جاء في التقرير الذي أصدرته الجمعية الأثرية الإسرائيلية عام 1971 أن جدار الأقصى هو بناء إسلامي ، كما أكدت اللجنة الدولية التي شكلت عام 1930 أن للمسلمين وحدهم تعود ملكية ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لايتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هو من أملاك الوقف الإسلامي واليوم يؤكد المؤرخون الجدد في إسرائيل أنه بعد 70 عاماً من الحفريات المكثفة في فلسطين لم يتم العثور على أية أدلة تؤكد روايات العهد القديم ، وعدم وجود مصداقية لها على المستوى التاريخي والأثري يثبت صحتها أو وقوعها . ويدحضون في مؤلفاتهم المقولة " الكذبة الكبرى " التي قامت عليها إسرائيل " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض " مما يثبت زيف الادعاءات الصهيوينة حول الحق الديني والتاريخ في القدس وفلسطين "ومملكة داود وغيرها" .
وإلى ما سبق لم تكن القدس إلا عربية منذ فجر تاريخها ، أما كل ما أصابها من عدوان وغزوات فلم يكن إلا طارئاً وزائفاً ... ومع كل ذلك يحفرون وينقبون ويبحثون ... أعلنوا القدس عاصمة أبدية لكيانهم ومنحوها زوراً وبهتاناً جنسيتهم العنصرية . لقد سرقوا وزوّروا كل شيء ... ومازالوا يحفرون وينقبون ولم يجدوا شيئاً ... ولكن وصية الصهيونية بتدمير تراث الشعوب وأوابدها الحضارية .
ألم يقل تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية في مؤتمر بال بسويسرا 1897 :
" إذ حصلنا يوماً على القدس وكنت ما أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها ، وسوف أدمر الآثار التي مرت عليها قرون ".
وهاهو كبير أحبارهم أيضاً ويدعى " شلومو جورين " يقول : " إن الصهيونية وأهدافها ستبقى معرضة للخطر مادام المسجد الأقصى وقبة الصخرة قائمين أمام أعين المسلمين وأفئدتهم لذلك يجب إزالتهما عن سطح الأرض .
ورغم كل ذلك فالمدينة المقدسة صامدة وأبناؤها صامدون يدافعون عن المسجد الأقصى ويستصرخون أبناء الوطن العربي من محيطه إلى خليجه لتحريره وتحرير القدس وهويتها العربية الإسلامية التي لم تعرف غيرها أبداً .